عباد الله..
بقاؤنا على خطى حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وهديه يرجع بلا ريب لقيمٍ ترسخت فينا عبر عشرات السنين من عمر كلٍ منا.. لكن ما بالنا بأولادنا وقد حُرِموا في هذه البلاد حتى من صلاة الجمعة؟!
إن أبناءنا يستحقون الكثير لكن ما يحصلون عليه من حقوقهم هذه فعلاً قليل.. وقبل أن أسوق أي أمثلة لكم إخوتي الكرام، علينا أولاً أن نعيَ حجم الكتلة الإسلامية في ألمانيا.. إن نحو 6,7٪ من المقيمين على أرض هذه الدولة هم من المسلمين، سواء كانوا يحملون جنسيتها أو لا، أي قرابة 5,6 مليون مسلم ومسلمة من أصل ٨٣ مليون يسكنون ألمانيا إجمالاً، وفقاً لآخر إحصائيات العام الجاري.
إخوتي الكرام.. إن عدد المسلمين في مدينة دوسلدورف وحدها دون جوارها يقارب ٥٥ ألفاً، وليس لهم أي مدرسة نظامية إٍسلامية، في حين أن عدد الجالية اليهودية في نفس النطاق هو ٧ آلاف فقط، ولهم مدرستان وليست واحدة، الأولى مدرسة Albert-Einstein-Gymnasium وهي مدرسة يهودية نظامية رسمية في شمال المدينة وتهتم بالدرجة الأولى بتنمية التواجد والحياة الدينية اليهودية للطلاب بالإضافة إلى المواد الدراسية المعتادة كما تقول المدرسة عن نفسها، وقد أقيمت على نفقة الحكومة المحلية بالكامل وكذا تتحمل الحكومة كافة نفقاتها الجارية بما فيها ما يخص الأنشطة اليهودية المحضة.. والثانية هي مدرسة إسحاق رابين الخاصة.
فأي مقارنةٍ يمكنها قبول هذا الوضع؟
إننا لو انتظرنا حتى ينظر إلينا بعين العطف أحدٌ فسننتظر طويلاً جداً دونما فائدة، لأنه لا أحد من المسئولين الحكوميين يرى ضرورةً للتحرك في هذا الاتجاه، طالما أننا لا نعترض ولا نطلب.. ولو كنا مكان القائمين على الأمر في التعليم كنا سنفعل نفس الشيء!!
إذاً.. يجب علينا التحرك لتحقيق مصالح أبنائنا.. يجب علينا المطالبة بعدة مدارس إسلاميةٍ، فإن كان سبعة آلافٍ قد حصلوا على مدرستين، فلمَ لا يحصل خمسةٌ وخمسون ألفاً على اثنتين أو ثلاثة على الأقل؟!
ونكرر.. لو لم نفعل شيئاً ولم نطلب، فلن يحدث أيضاً أي شيء.. هذا هو قانون الحياة الذي يجب أن نفهمه ونعيه جيداً، ثم نتفاعل معه، ولا نكون من حزب الصامتين كما تربينا في بلادنا، فهذا والله ليس من شيمة الإسلام في شيء، وإنما تعودنا عليه إجباراً وإكراهاً، لأنه في مصلحة الحكام حين يخذلون شعوبهم ويكممون أصواتهم كي لا يزعجوهم.
وكي نقدم القدوة في هذا الصدد، قررنا تفعيل تصويتٍ للمسلمين في المساجد وعلى الإنترنت، ونرجو منكم التفاعل معه ونشره بكل نشاط، فهذا هو دوركم حينئذٍ.. وبعد ذلك سنجمع ما حصلنا عليه ونقدمه للحكومة كمطالب رسمية للمسلمين بالمدينة.. فهلا تفاعلتم حرصاً على مصلحة أبنائكم والأجيال القادمة؟؟
وهنا أختم الشق الأول من حديثي وأسأل الله أن يعنا على تصحيح ما لدينا من أخطاءٍ قصرنا بها في تربية أبنائنا،.. فاللهم أعنَّا ولا تُعِنْ علينا، اللهم لا تَكِلْنا إلى أعمالنا ولا إلى أنفسنا طرفة عين، يا أرحم الراحمين.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإنما قوة السيف بضاربه.
=========================
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
أما بعد.. عباد الله:
يقول رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه فيما رواه عنه النعمان بن بشير -رضي الله عنهما: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).. وهو ما يعني أننا في هذه البلاد وفي غيرها يجب أن نشعر بما يؤلم بعضَنا، وأن نتفاعل معه كما لو كان قد أصابنا نحن مباشرةً.. فماذا يعني ذلك في موضوعنا اليوم؟
الأمر بسيطٌ أخي الكريم، فإن لم يكن لديك أبناءٌ في سن المدرسة، عليك أيضاً أن تنشر الأمر لمساعدة باقي المسلمين في الحصول على حقوق أبنائهم.
لكننا نريد ألا ننسى في خضم مشروع المدرسة الإسلامية أنها لن تسع جميع الطلاب المسلمين بطبيعة الحال، لذا فإن لدينا مشكلةٌ أخرى يجب علينا حلها فوراً وبأسرع وقت، ألا وهي أن أبناءنا يعانون حالياً من عدم صلاة الجمعة، بسبب تغيير التوقيت إلى الشتوي.. وإذا غاب أحدهم عن حصصه المدرسية لأداء الصلاة فسيفصل بعد عدة مراتٍ فقط!!
فهل لنا أن نطالب فوراً بعدم احتساب هذه الحصص في ساعات الغياب، أسوةً بزيارة الطبيب أو أي عذرٍ آخر؟
إن الأمر ليس معجزةً كي نظل عشرات السنين هكذا حتى الآن لا نطالب به، ونعتقد أن الوقت قد حان للمطالبة به بدءاً من اليوم.. لذا فسنقوم بنفس الخطوة بالتوازي، بمعنى أننا سنعمل على جمع التوقيعات إلكترونياً على الإنترنت وورقياً في المساجد، وقد يستغرق الأمر في التوقيعات الورقية بضعة أسابيع حتى نستطيع الحصول على توقيعات الكثير من رواد مساجد المدينة، لكن هذا لن يفت في عضدنا وسنعمل على إنجاز الأمر معكم إن شاء الله لنا ذلك.
ولربما يسهم هذا في تدعيم أبنائنا نفسياً أيضاً، كي يشعروا أن لهم قيمةً ومكانةً يعتد بها في المجتمع هنا، وليسوا درجةً ثانيةً لا قيمة لهم كما يظن كثيرٌ منهم للأسف، ثم يحاول بعضهم التنازل عن هويته والتمحك بالهوية الأوربية كي ينال الرضا والقبول، وهو عين الضعف والانكسار، مما لا نرضاه أبداً لأبنائنا.
كذلك نرجو أن تكون هذه الخطوة هي البداية لخطواتٍ أخرى تاليةٍ لها، يفيق بها المسلمون ويتجرؤون على المطالبة بباقي حقوقهم بعدها.
إذاً إخوتي الكرام.. مساهمتكم المعنوية هنا ستعود عليكم بعظيم النفع والثواب، لأنها لن تفيدكم وإخوانكم فقط في موضوعٍ واحدٍ، بل ستسهم في الحصول على العديد من المزايا المفقودة وسيكون لكم أجر سن هذه السنة لمن يلحق بكم إن شاء الله.
ندعو الله العلي الكريم أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يعيننا جميعاً على حسن وإتقان تربية أبنائنا وأن يجعلهم لنا ولكم قرة أعينٍ في الحياة الدنيا وفي الآخرة.